الشريف حسين واحترام الرأي الآخر،،،

الشريف حسين واحترام الرأي الآخر،،،

حصاد الألسن – عبدالله مسعود

عند انعقاد مؤتمر القمة الذي عُرف بمؤتمر اللاءات الثلاث في أغسطس عام ١٩٦٧م كنت وثلة من زملائي السكرتيرين الثوالث بوزارة الخارجية قد كُلفنا بمرافقة الوفود العربية وتلبية طلباتهم مزودين بعربات من النقل الميكانيكي لذلك الغرض. كُلفت بمرافقة الوفد السوري المكون من رئيس الجمهورية الأستاذ نور الدين الأتاسي ووزير الخارجية الأستاذ إبراهيم ماخوس وسكرتير ثالث من وزارة الخارجية السورية لا يحضرني إسمه الآن.
عُقد قبيل مؤتمر القمة مؤتمر لوزراء الخارجية للتحضير لمؤتمر القمة والتوصية على أجندة ليقرر الرؤساء بشأنها في مؤتمر القمة.
فوجئ الوزير المشرف على المؤتمر (مولانا الشريف حسين) بالتماس من الوفد السوري بمغادرة البلاد وعدم الرغبة في حضور مؤتمر القمة المزمع عقده بعد يومين أي في الحادي والعشرين من أغسطس عام ١٩٦٧م وأنهم عازمون على عدم المبيت في الخرطوم تلك الليلة لأن توصيات وزراء الخارجية لم ترق لمستوى الحدث وجاءت هزيلة. أرسل مولانا في طلبي بصفتي الدبلوماسي المرافق للوفد السوري وأمرني أن أتصل بمدير الخطوط الجوية السودانية الأستاذ عبدالباقي محمد عبدالباقي لتجهيز طائرة اليوم لنقل الوفد السوري للقاهرة ليتدبروا أمرهم من هنالك لبلدهم. إتصلت بالأستاذ عبدالباقي ونقلت إليه تعليمات معالي الوزير فأخطرنى بأن لديهم طائرة واحدة في طريقها لأسمرا وأن الركاب داخل الصالة لإنهاء إجراءات السفر فإذا رأى معالي الوزير إلغاء الرحلة فسيفعل ليتم نقل الوفد السوري للقاهرة علماً بأن هنالك رحلة عادية للقاهرة صباح الغد. نقلت لمولانا رأي الأستاذ عبدالباقي فأمر بإلغاء سفرية أسمرا وتغيير وجهة الطائرة للقاهرة. قلت لمولانا: مع إحترامي لوجهة نظرك ، فإن هذه منتهى الإنصرافية في أن تلغي سفرية ركابها فى المطار لنقل وفد لم يشارك في المؤتمر وليس في عجلة من أمره في الرجوع إلى بلده. إستمع إلي مولانا دون أن يقاطعني ثم فجأة أرغى وأزبد وصاح: أنا الوزير المسئول وأمرتك أمراً لا مسوغ بعده إلا أن تقول سمعاً وطاعة. قلت وأنا من الخوف في نهاية: حاضر معاليك. وانصرفت. بعد ثوان معدودة أمرنى أن أعود وقال لي: أنا شفتك قبل كدا. فقصصت عليه مشوارنا اليومي لمنزله بمعية صديقه عثمان عبدالرحمن يعقوب فابتسم وقال لي: كلامك سليم دعهم ينتظرون للغد، دمشق ملحوقة!!

عبدالله مسعود

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x